الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة «إلّي يعمل طاحونة، يعمللها دندان»

نشر في  12 فيفري 2014  (12:24)

اتخذت الجامعة التونسية لكرة اليد قرارا منعت بموجبه القنوات التلفزية من نقل مباريات البطولة مجانا.. جاء ذلك في بلاغ رسمي أكدت فيه أنه وابتداء من تاريخ صدور هذا البلاغ يمنع منعا باتا على كلّ القنوات التلفزية التونسية والأجنبية بث المقابلات أو تصوير لقطات من مقابلات البطولة الوطنية لكرة اليد وكأس تونس للأكابر والكبريات، مقابل السماح لها بالدخول للقاعات للقيام بالاستجوابات والتصريحات بعد نهاية المقابلات.. وجاء في البلاغ نفسه أن هذا القرار لا يشمل وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة. وأوعزت الجامعة قرارها حسب العارفين بخفايا الأمور إلى الضائقة المالية التي تمرّ بها هذه اللعبة و إلى حاجة النوادي خصوصا ورياضة كرة اليد بشكل عام إلى الدعم المالي في ظل تراجع ملحوظ في العائدات ما انفك يتفاقم من موسم إلى آخر.

وتعتقد جامعة كرة اليد أن القنوات التلفزية لا تحترم هذه الرياضة لأنها تسعى دائماً للإستفادة منها دون وجه حق من خلال نقل المباريات مجانا وهو ما يجب أن يتوقّف حالا، وبالتالي أصبح لزاما على كل قناة تلفزية ترغب في نقل مباريات البطولة أن تدفع مقابلا ماديا نظير ذلك.
وما من شك أن لعبة كرة اليد تحظى باهتمام ومتابعة جماهيرية محترمة جداً خصوصا في المواجهات الهامة والتقليدية التي تجمع كبار المدارس التونسية وأعرقها في هذه الرياضة، لذلك من غير المعقول أن تُنقل مبارياتها مجانا في زمن انتهى فيه عهد «البلّوشي» خصوصا أن المنافسة بين القنوات التلفزية باتت على أشدها من أجل استقطاب أكثر عدد ممكن من المشاهدين، وكرة اليد قد تكون إحدى المواد البارزة فى استقطاب المتفرجين وبالتالي جلب الإشهار والمستشهرين.. لذلك يصبح من غير المعقول أن تتعامل القنوات التلفزية مع لعبة كرة اليد بطريقة لا تليق بهذه الرياضة ولا تفيها حق قدرها، خصوصا أن كرة اليد تكاد تكون الرياضة الوحيدة في الألعاب الجماعية التي لم تبخل على جماهيرنا بالفرحة والمتعة والتتويجات القارية والإقليمية والنتائج المحترمة في المسابقات العالمية. إنّ كرة اليد بحاجة للدعم والمساندة، وفي أدنى الحالات بحاجة للحصول على حقوقها عند النقل التلفزي لمباريات البطولة والكأس والمنتخب.
لقد تمكنت رياضة كرة اليد ورغم بعض الخيبات التي عرفتها على مدى تاريخها، من أن ترسم البسمة على شفاه الجماهير الرياضية التونسية مثلما تمكنت من إدخال الفرحة على قلوبهم في العديد من المناسبات، لذلك تحظى هذه الرياضة -رغم قلة ذات اليد وسطوة كرة القدم- بمكانة خاصة لدى الجمهور الرياضي، بل إن منتخبنا الوطني وحّد في الكثير من المناسبات بين جماهير النوادي وتمكّن من هزم الجهويات والإنتماءات الضيقة بفضل حماس اللاعبين وتآزرهم ووطنيتهم المتأججة وترفّعهم عن الإنتماءات الضيقة للجمعيات، علاوة طبعا على الفرجة التي قدموها والروح الإنتصارية التي كانوا يلعبون بها إلى درجة تمنّينا فيها أن يلعب منتخب كرة القدم بنفس الروح والعطاء والرجولة التي نلاحظها لدى عصام تاج ورفاقه.
لأجل ذلك ومن أجل المحافظة على هذه اللعبة وتطويرها أصبح لزاما على الجميع -بما في ذلك القنوات التلفزية- المساهمة في هذه العملية وتأمين الحد الأدنى المطلوب عند نقل المباريات خاصة أن كرة اليد يمكن أن تكون وسيلة هامة لإقبال المستشهرين مادامت تُعدّ منتوجا رياضيا يجلب الإهتمام ويستقطب الأنظار.
وقبل أن أختم أريد الإشارة إلى اللوائح التي أعدتها جامعة اليد للحد من الفوضى والعنف المادي واللفظي داخل القاعات الرياضية، وهي لوائح هامة، وفيها شجاعة نرجو أن تنسحب على بقية الجامعات بعدما تأكد بما لا يدع مجالا للشك أنّ الحملات التوعوية والومضات الإشهارية التي تدعو الجماهير للتحلي بالأخلاق الرياضية والتعقل وتجنب العنف لم تعد تجد هوى في النفوس ولا تردع المشاغبين. هكذا يصير الردع وتطبيق القانون بحزم هو السبيل الوحيد للحد من العنف وتطويقه في رياضة هي أقرب ما تكون إلى الفن والإبداع والجمال.. ولابأس هنا من التذكير بهذه اللوائح التي نتمنى أن نرى مثلها في جامعة كرة القدم نظرا للمشاكل الكبيرة والخروقات العديدة التي تشهدها هذه الرياضة. وتنص لوائح جامعة اليد على:
-معاقبة العنف اللفظي الصادر عن الجماهير التابعة لأي من الفريقين المتنافسين أو اشعال الشماريخ وكذلك إلقاء المقذوفات بجميع أنواعها سواء كانت نارية أو غيرها وذلك بإيقاف أحد لاعبي الفريق المخالف لمدة دقيقتين عند أول مخالفة مرتكبة ، ويتولى المسؤول الأول عن الفريق اختيار اللاعب من بين اللاعبين الموجودين فوق الميدان ويتم احتساب الإقصاء لمدة دقيقتين في العقوبات التصاعدية لهذا اللاعب.
- في حالة تكرار العنف اللفظي أو إلقاء المقذوفات للمرة الثانية يتولى الحكم مباشرة إقصاء لاعبين في نفس الوقت من الفريق الذي أذنب جمهوره.
-في حالة عدم الكف عن مثل هذه الممارسات، يتعين على طاقم التحكيم إيقاف المقابلة بصورة نهائية ويتم اعتبار الفريق الذي قامت جماهيره بهذه الأفعال منهزما جزائيا بفارق ستة أهداف.
-في صورة وقوع أعمال عنف قبل أو بعد نهاية المقابلة يدون الحكمان هذه التصرفات على ورقة التحكيم ويوجهان في شأنها تقريرا مفصلا لاتخاذ القرارات الردعية اللازمة.
-يتعين على مراقبي المقابلات مساعدة الحكام في أداء واجبهم وفرض الانضباط وذلك بلفت نظرهم إلى كل التجاوزات التي يلاحظونها حتى يتم ردعها في الإبان، كما يتولى مراقبو المقابلات السهر على تنفيذ هذه الإجراءات بكل دقة.
-تتولى الهياكل المختصة للجامعة التونسية لكرة اليد التحقق من قيام كل طرف بمهامه على الوجه الأكمل واتخاذ الإجراءات اللازمة وذلك على ضوء مختلف التقارير الواردة عليها كما يمكنها اللجوء إلى الصور التلفزية لمزيد التحقق من بعض التصرفات خاصة تلك التي تكتسي صبغة تأديبية.
وهكذا تمكنت جامعة كرة اليد من فرض الإنضباط رغم ما تشهده البلاد من انفلاتات بعد أن أدركت أن الضرب بقوّة وخصم النقاط وهزم النوادي التي تصدر التجاوزات عن جماهيرها هو الحل الوحيد لضمان سير عادي للبطولة بعيدا عن كل أنواع العنف وأشكاله.

 بقلم: عادل بوهلال